أكبر مرجعية دينية في العالم السني

1أسس الفاطميون (٩٦٩م-١١٧١م) جامع الأزهر ليكون مركزًا لنشر مذهب الخلافة الشيعي. وبدأت الدروس الأولى في عام ٩٧٥م بتدريس كتب الفقه الإسماعيلية لتُكرِّس دوره المُتمَثِّل في نشر المعرفة الدينية.

2وبعد إغلاق الأزهر طوال العصر الأيوبي (١١٧١م-١٢٥٠م)، عاد الأزهر إلى ممارسة دوره التعليمي مع ظهور المماليك (١٢٥٠م-١٥١٧م) الذين موَّلوا أعمال الترميم والتوسعات المعمارية. في هذه الفترة أسس المماليك ثلاث مدارس تابعة للأزهر وظهر نظام الأروقة* والحارات* بينما شهدت الفترة العُثمانية (١٥١٧م-١٨٠٥م) استحداث منصب "شيخ الأزهر" وتحقيق الاستقلال الاقتصادي للأزهر بفضل تطبيق نظام الوقف.

3بعد وصول بونابرت إلى مصر عام ١٧٩٨م، قام علماء الأزهر بتحويل الجامع إلى مركز للمقاومة، مما ساعدهم على بسط سُلطتهم الاجتماعية والسياسية والدينية بعد رحيل الفرنسيين وتمكين محمد علي من تولي الحكم في عام ١٨٠٥م. إلا أن محمد علي وأبناءه فرضوا نظام إشراف صارم للحد من دور الأزهر الاجتماعي السياسي. كما وُضِعَت العديد من القوانين بهدف الفصل بين الجامع الأزهر والأوقاف ومنعه من إصدار الفتاوى الدينية. وعاد الأزهر إلى ممارسة دوره التعليمي الخالص في عام ١٩١١ بموجب القانون رقم ١٠ الذي أصدره عباس حلمي الثاني والذي يعترف رسميـًا بالأزهر باعتباره "أكبر معهد ديني في مصر".

علاقات الجامعة المتذبذبة مع الدولة

4أدى تحويل الأزهر إلى جامعة إلى إنشاء ثلاث كليات: كلية أصول الدين وكلية الشريعة وكلية اللغة العربية. وشهدت العقود التالية للاستقلال عدة توجهات لفرض إشراف الدولة. تحت حكم عبد الناصر، أصبح الأزهر في عام ١٩٦١م منظمة علمية تهدف إلى "الحفاظ على التراث الإسلامي" ومؤسسة ممولة من الحكومة المصرية. وأُعيد تنظيم الأزهر إلى خمسة قطاعات، أهمها قطاع الجامعة؛ وأصبح رئيس الجمهورية يُعيِّن الإمام الأكبر. وفي عام ١٩٧٤م، حاول السادات إلغاء هيئة كبار العلماء، ولكن نظرًا لمعارضة العلماء، استطاع الإمام الأكبر الاحتفاظ بسلطته الدينية. أما بالنسبة إلى فترة حكم مبارك (١٩٨١م-٢٠١١م)، فلم تنشب إلا صراعات قليلة بين الدولة ومؤسسة الأزهر؛ من أبرزها الخلافات حول فوائد الائتمان البنكي وتحديد النسل، وهما ممارستان يحرمهما الأزهر.

5اليوم، معظم طلاب جامعة الأزهر هم من خريجي المعاهد الأزهرية الابتدائية والثانوية أو من خريجي مؤسسات التعليم الحكومي المصري بشرط أن يكون الطالب مسلمـًا وعلى دراية جيدة بالمعارف الدينية الأساسية. فَوِفقـًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، بلغ عدد الطلاب في عام ٢٠١٤ حوالي ٢٩٧٠٠٠، أي أن جامعة الأزهر احتلت المرتبة الأولى أمام جامعة القاهرة التي ضمت ٢٣٥٠٠٠ طالب فقط. إلا أننا نلاحظ فجوة بين عدد المسجلين في السنة الأولى وعدد الحاصلين على الليسانس ويرجع ذلك جزئيـًا إلى ضرورة حفظ الطلاب القرآن الكريم. كما يجدر بالذكر أن جامعة الأزهر مؤسسة غير مختلطة، وهي تضم ٨٠ كلية (٤٩ كلية للبنين و٣١ كلية للبنات) منها ٢٩ كلية متخصصة في العلوم الدقيقة (الطب والهندسة وغيرها). وينقسم الحرم الجامعي إلى أجزاء مُوزَّعة على ٢٥ مدينة في مصر. وإلى جانب الكليات، يضم الأزهر تسعة معاهد عليا وستة مستشفيات واثنين وأربعين مركزًا متخصصـًا (لغات، حاسبات ومعلومات، عيادات، إلخ..). ويتكون مجلس الجامعة من عمداء الكليات الثمانين، مما لا يُيسر عملية اتخاذ القرارات الإدارية.

٤.٧ تنظيم الأزهر وفقـًا للقانون رقم ١٠٣ لعام ١٩٦١

٥.٧ عدد الملتحقين والخريجين من جامعة الأزهر (٢٠١٥-٢٠١٦)

٦.٧ حرم جامعة الأزهر في مصر

٧.٧ جامع الأزهر، أبريل ٢٠١٨

أداة لاكتساب الشرعية الإسلامية

6تتمثل الركائز الرئيسية الحالية للسُلطة الدينية في مصر في وزارة الأوقاف ودار الإفتاء والأزهر. وحاول الإمام الأكبر للأزهر تحت حكم جماعة الإخوان المسلمين (٢٠١٢-٢٠١٣)، أن يعيد السلطة إلى هيئة كبار العلماء، ولكن بعد عام ٢٠١٣ وإقرار الدستور في عام ٢٠١٤، حُرمت الهيئة من جديد من سلطتها الدينية المرجعية.

7ومنذ دعوات الرئيس لإصلاح الخطاب الديني في عام ٢٠١٤، يتم اللجوء إلى الأزهر باعتباره المرجع الديني المُدافِع عن الإسلام المعتدل. وتشارك المؤسسة في العديد من المناقشات الاجتماعية والدينية والسياسية، مثل محتوى الكتب المدرسية لطلاب الأزهر وحقوق المرأة وتجديد الخطاب الديني ومكافحة الإرهاب.

8ويسعى الإمام الأكبر للأزهر بدوره إلى تحسين صورة المؤسسة التي اقترنت بتأييده بالإطاحة بحكم مرسي. وهو يُشارِك في إنشاء مراكز مُتخَصِصَة تتبع مكتبه بشكل مباشر، مثل مركز الحوار ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية ومرصد الأزهر للدوريات الأجنبية ومركز الترجمة ومرصد الأزهر لمكافحة الإرهاب. وتعد هذه المراكز الصورة الحديثة من اللجان التابعة سابقـًا لمجمع البحوث الإسلامية، باستثناء مرصد مكافحة الإرهاب الذي تم إنشاؤه في عام ٢٠١٥. ويعد هذا الأخير الأكثر تداولًا في وسائل الإعلام بين مراكز الأزهر وهو يتلقى دعمـًا ماليـًا كبيرًا من أجل إتاحة الأخبار المرتبطة بالإسلام (خاصة في الدول الأوروبية) ومكافحة أيديولوجية منشورات الجماعات المتطرفة التي تَدَّعِي الانتماء إلى الإسلام.