1إذا كان توفير الحبوب والزيوت النباتية أولوية الدولة، فقد استحوذ استهلاك منتجات الألبان على اهتمام السلطات العامة منذ عام ٢٠١٠، وذلك لدورها في التوازن الغذائي للأطفال وفي نمو الريف والصناعات الزراعية. وشهدت البلاد بالفعل زيادة في تأخر النمو لدى الأطفال خلال العقد الأول من الألفية الثالثة. ومنذ يناير ٢٠١٥، أصبح الحليب والجبن الأبيض جزءً من سلة الغذاء المدعومة.

نمو صناعات الألبان الحِرَفيَّة

2يُعتبر الحليب ومشتقاته مثل الأجبان التقليدية (المِش والقريش والجبنة الرومي والجبنة البيضاء) أو الأرز باللبن، جزءً من الحصة الغذائية اليومية للمصريين. ويُعَدّ معدل استهلاك الجبن في مصر من أعلى المعدلات في الإقليم والقارة: فهو يُقارب ٧ كجم / عام للفرد الواحد مقابل ١ كجم / سنة للفرد الواحد في إفريقيا في عام ٢٠١٣. ونظرًا للزيادة السكانية الوطنية، زاد إنتاج الجبن بنحو ١٧٠٠٠٠ طن في التسعينيات.

3وفي عام ٢٠١١، احتلت مصر موقعاً في قائمة أكبر ١٥ دولة مُصَدِّرة للجبن، حيث تمد أسواق الشرق الأوسط بشكل أساسي. وتُعني صناعة الألبان في المقام الأول صغار المزارعين.

4ويُبيِّن النمو في إنتاج حليب البقر أهمية قطاع الصناعات الزراعية في هذا السوق حتى وإن ظَلَّت مصر مستوردًا رئيسيـًا للحليب المُجَفَّف (٢٤٪ من الطلب على الحليب). وتمتلك شركتا "جهينة" (المصرية) و"دانون" حوالي ثلثي السوق المصري من اللبن المُبَستَر والزبادي.

5يُمَثِّل حليب الجاموس الطازج ٤٨٪ من إنتاج الحليب في عام ٢٠١٦، وتظل تنميته من اختصاص القطاع الحِرَفي الذي غالبـًا ما يكون غير رسمي ويتمثل في قنوات قصيرة تربط بين آلاف المُنتجين والمُستَهْلِكين في المناطق الحضرية.

٦-٢٦ إنتاج الزبدة والجبن في مصر من ١٩٦١ إلى ٢٠١٤

٦-٢٧ تطور إنتاج الحليب (الجاموس والبقر) وتطور السكان في مصر من ١٩٦١ إلى ٢٠١٤

٦-٢٨ الحصص الرئيسية المملوكة لشركات الألبان المحلية والدولية في السوق المصرية في عام ٢٠١٣

شبكة صناعة الألبان الحِرَفية في القاهرة

6يُمَثِّل تموين القاهرة تحديـًا للسُلُطات العامة من حيث الأمن الغِذائي والصِّحي، كما يَتَضِح مِن خِلال الجَدَل حول القمح المُلَوَّث بالإرغوت في ٢٠١٦-٢٠١٧. وبقدوم ٥٠٠٠٠٠ ساكناً جديداً في عام ٢٠١٧، شَكَّل نمو العاصمة فرصة ثمينة للقطاعات الزراعية والغذائية. فيحتاج الـ ٢٣ مليون قاهري من ٣،٥ إلى ٤ ملايين لتر من الحليب يوميـًا.

7ووِفْقـًا لدراسة أجراها كُلّاً من مركز التعاون الدولي في البحوث الزراعية من أجل التنمية وجامعة القاهرة في ٢٠١٣-٢٠١٤ في القاهرة (في أحياء شبرا والسيدة زينب والطالبية)، يستهلك سكان المدن في الأحياء الشعبية الحليب الطازج والجبن الحرفي بشكل أكبر؛ كما ينتشر الطلب على حليب الجاموس الطازج. ويتطلب توريد الحليب الطازج إلى العاصمة توصيلًا ومعاملات سريعة ومبنية على الثقة: فقد تَبيَّن أن ما يقرب من ٦٠٪ من مُوَرِّدي الألبان الذين شملتهم الدراسة تربطهم صِلات عائلية بمديري منافذ البيع، في حين أنه في الأحياء الأقل شعبية، يُبرم أصحاب المحلات أيضـًا عقود توريد مع تجار الألبان. فيما يخص المتاجر، يظل عرض المنتجات الحِرَفِية، غير المشمولة بالقطاع الصناعي، مُتنوِّعـًا ويتمتع بالمهارة المنقولة بين الأجيال. ومن الجدير بالذكر أن الأحياء التي شملتها الدراسة تتضمن من ٩ إلى ١٧ تاجر تجزئة في منتجات الألبان لكل كيلومتر مربع.

8ترمز سلاسل توريد الألبان الحِرَفية إلى الحفاظ على الروابط بين المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية. فهي تُوفِّر الآلاف من فرص العمل في القاهرة، وقد استفادت من تطوير وسائل النقل منخفضة التكلفة: مثل سيارات النقل الصغيرة والدراجات النارية والتوك توك.

٦-٢٩ إمداد الحليب من المنتجين إلى الوسطاء. حالة مركز تجميع ريكا جنوب القاهرة

تحديات الصناعة الحِرَفية

9مع نمو قطاع الصناعات الغذائية منذ عام ٢٠٠٠، تميل الطبقات الوُسطى والعُليا إلى التخلي عن المنتجات الحرفية لصالح سلع معدلة وموحدة ذات مخاطر صحية أقل، مثل منتجات "جهينة" أو "دانون" أو "لاكتيل". وبالفعل، يدرك بعض المستهلكين في المناطق الحضرية المخاطر التي تنقلها منتجات الألبان الحِرَفية بسبب طرق حفظها ومستوى النظافة أثناء الحلب والنقل.

10وفي عام ٢٠١٦، أدى انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى زيادة في سعر علف الماشية و تضاعف سعر لتر الحليب تقريبـًا بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٨. ويُضعِف هذا السياق صناعة الألبان الحِرَفية، والتي تتأثر أيضـًا بتآكل القوة الشرائية.

11واليوم، تُعَدّ مكافحة سوء التغذية والحفاظ على العدالة الغذائية من خلال التكيف مع الطلب المُتنوِّع لِمُختلَف الطبقات الاجتماعية هدفاً رئيسياً. وهي تتطلب سياسات ملائِمة مع السمات والوظائف التكميلية للقطاعات الصناعية والحِرَفية من أجل تعزيز تعايش رشيد بين مختلف العروض.