1عادة ما تربط الأطالس بين مناخ المدينة وتضاريسها، إلا أن النمو العمراني وأنماط الحياة المعاصرة تجعل الطقس في القاهرة أكثر تعقيدًا. فتخلق الكثافة والتوسع مناخـًا حضريـًا (stadtklima) تزداد صعوبة العيش فيه أكثر فأكثر: فيصبح الهواء أكثر حرارة وأكثر جفافـًا وأكثر تلوثـًا وتصبح الرياح الشمالية والجنوبية السائدة أقل قوةً والمطر أكثر ندرةً من المناطق غير الحضرية. ومن جهة أخرى، تُبرز هذه الندرة بشكل ما عدم كفاية نظام تصريف مياه الأمطار، مما يتسبب في حدوث فيضانات في حالة السيول. وتخزن كتلة البناء الحرارة المتراكمة خلال النهار وتتخلص منها ليلًا. وتتكون بذلك جزيرة حرارية حضرية تتناقض مع المناطق الريفية المحيطة بها. وفي الأحياء غير المخططة، حيث يعيش غالبية القاهريين، يمنع النسيج الحضري الكثيف والضيق من تهوية المدينة. كما تحرم الندرة النسبية للمساحات المزروعة (مثل حديقة الأزهر أو حديقة الحيوان بالجيزة) معظم الأحياء من وسيلة لتلطيف الجو.

٤-١٨ رسم بياني لمتوسط الحرارة والأمطار بالقاهرة

٤-١٩ توزيع درجات الحرارة في المساحات المبنية في القاهرة الكبرى، أغسطس ٢٠١٨

مجموعة متنوعة من المناخات الأصغرية

2تعد المناخات الحضرية الأصغرية microclimat في القاهرة نتيجة للنشاط البشري. حيث تؤدي المصانع المنتشرة في المدينة واكتظاظ السيارات والاستخدام المفرط لمكيفات الهواء، إلى توليد الحرارة والهواء الفاسد. ويُقَدَّر نسبة تأثير العوامل البشرية في نشأة الموجة الحارة في أغسطس ٢٠١٥ في مصر بـ ٦٧٪ (± ٧٪).

3يُفَضِّل البعض مصطلح الأرخبيل بدلًا من جزيرة حرارية حضرية ومتجانسة، ليصبح المصطلح الذي يشير إلى تنوع المناخات في القاهرة.

4تحيط الصحراء بهذه المدينة الضخمة وهي تتمدد على هذه الهوامش القاحلة منذ الخمسينيات، وتقع أكثر التجمعات السكنية المرغوبة اجتماعيـًا في أطراف المدينة البعيدة عن الاكتظاظ أو الضيق، حيث الهواء أنقى، مثل الشيخ زايد أو الرحاب. هذا الابتعاد في أماكن غير مهيئة للسكنى من المفترض أن ينتج عنه أن تمتلك هذه الأماكن ما يُسمى المناخ الأصغري (التفصيلي أو المجهري) الذي يتماشى مع أساليب الحياة المنزلية المعاصرة. وتُعَدّ هذه المدن "الساتالايت" أيضـًا محل عمل أغلبية المهندسين المعماريين، لكن الاهتمام الذي يولونه للتحكم الحراري، الذي غالبـًا ما تحدده كراسة الشروط الخاصة بالمقاولين، نادرًا ما يتجاوز تركيب مكيفات الهواء وازدواج الجدران الخارجية التي تفصل بينها فراغات هوائية. ومع ذلك، تعد بيئة الكومباوندات أكثر قدرة على ضبط الحرارة، وذلك بفضل قلة كثافة المباني ووجود حدائق للزينة. وفي المقابل، لا يتم الالتفات إلى المشكلات التي تواجه قلب المدينة من حيث البنية التحتية والكثافة السكانية العالية، مما يجسد وضعـًا طاردًا لصورة المدينة القابلة للعيش فيها.

نقص الطاقة وبدائلها

5تعطي الحرارة إيقاعـًا لحياة القاهريين، لكنها لا تؤثر بنفس الطريقة على من يعيشون في حي الأغنياء بالمعادي أو في حي أكثر شعبية مثل إمبابة. ولذلك يساعد النظر في الحقائق المناخية على مستوى الحي أو البنايات على فهم التفاوتات البيئية في هذا السياق من منظور ممارسات التكيف والملاءمة.

6في القاهرة، يشير نقص الطاقة إلى عدم قدرة الأسر على الاحتماء من الحرارة الشديدة، خاصةً مع زيادة موجات الحرارة المرتبطة بالاحتباس الحراري العالمي، حيث تعتمد الراحة الحرارية في المساكن بشكل كبير على المعدات الكهربائية المُستَهلِكة بنهم للطاقة.

7شهدت الأسر ذات الدخل المتوسط، والتي يقدر متوسط استهلاكها الشهري بحوالي ٢١٥ كيلو واط في الساعة، ارتفاع فواتير الكهرباء الشهرية من ٢٣ إلى ٧٩ جنيهـًا بين عامي ٢٠١٣ و٢٠١٧. وتطرح احتمالية إلغاء الدعم على الطاقة مسألة إيجاد بدائل، من ضمنها تطوير المباني الحالية من خلال العزل الحراري وإضافة وسائل الحماية من الشمس، وهو يبدو حلًا فعّالًا ولكن يصعب توقع تنفيذه نظرًا لأولويات الأسر من حيث الإنفاق.

8وتحتوي قاهرة العصور الوسطى على تراث معماري حضري يُظهِر طرقـًا مختلفة للعيش في الحر من خلال التحكم في الفتحات وكتل البناء والمساحات الفارغة لضمان التهوية ومرور أشعة الشمس. ولكن كيف نستخدم هذه الطرق لتكييف الهواء السلبي في المنشآت الموجودة حاليـًا في بيئة غالبـًا ما تكون ملوثة وصاخبة ومليئة بالغبار؟ تعتبر دراسة الممارسات الاجتماعية الحرارية الحالية ضرورية من أجل تخفيف آثار المناخ العمراني في القاهرة على مستوى المناخات الأصغرية في المدينة.

٤-٢٠ بيع مكيفات الهواء والمراوح الكهربية في مصر (١٩٩٩-٢٠٠٩)

٤-٢١ واجهة مبنى في القاهرة، ٢٠١٩