1يقصد بمصطلح "قبطي" (المشتق من "ايجيبتيوس" باللغة اليونانية) من هو في الأصل "مصري". ويشير إلى القبطية (التي تعد بمثابة لغة ميتة)، والمذهب الأرثوذوكسي المصري، والمسيحيين بصفة عامة من المصريين الأصليين. يمثل الأقباط أكبر طائفة مسيحية في العالم العربي، ويمثل الأرثوذكس ٩٠% منهم بينما يمثل الكاثوليك والإنجيليين البقية.

2يعود تاريخ إنشاء الكنيسة القبطية (المعروفة بكنيسة الإسكندرية) الى مرقس الرسول الحواري، سريعاً ما تحولت الى كنيسة مستقلة تتبنى مذهب الطبيعة الواحدة للمسيح وذلك بعد انعقاد مجمع خلقيدونية (عام ٤٥١م) وعلى رأسها بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.

3لا يزال حتى يومنا هذا عدد المسيحيين الفعلي في مصر محط جدال كبير رغم أن بند الهوية الدينية مذكور في العديد من الوثائق الرسمية المدنية المتداولة. ورغم تزايد عدد الأقباط في مصر، إلا أن نسبتهم إلى إجمالي عدد السكان في انخفاض، نتيجة للهجرة المتوالية الى الغرب ولجوء البعض الى اعتناق الإسلام للحصول على الطلاق (ويظل الطلاق من الأمور غير المتيسرة في قانون الأحوال الشخصية القبطي) أو للزواج (في حالة اختلاف أديان الزوجين)، وكلها أمور تثير الرأي العام وتحدث ضجة سياسية وإعلامية واسعة النطاق عند نشرها.

4تنتشر على ضفاف النيل وفي الصحراء الشرقية والغربية العديد من الأديرة والصوامع والمغارات التي تحتضن حركة الرهبنة منذ القرن الرابع والخامس الميلادي، وقد أحياها ورممها في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين كل من البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث.

5جدير بالذكر أن "المجتمع" القبطي لا يزال منقسماً على نفسه في مصر سواء في السياق الاجتماعي والسياسي، إذ يضم طبقة الفلاحين الفقراء وجامعي القمامة (الزبالين) وطبقة متوسطة من الموظفين وأصحاب الأعمال الحرة وطبقة صغيرة من رجال الصناعة أو التجارة الأثرياء (مثل أسرة أنسي ونجيب ساويرس) وكبرى عائلات الساسة.

التهميش

6بفضل سياسة التحديث التي بدأها محمد علي في القرن التاسع عشر حصل غير المسلمين على مكانة بارزة في المجتمع وفي هيئات ومصالح الدولة. وعزز ذلك عدد من المراسيم أصدرها سلطان القسطنطينية عامي ١٨٣٩ و١٨٥٦، أقرت فيها الإمبراطورية العثمانية بالمساواة بين المسلمين وغير المسلمين وتم إلغاء وضع الذمي* بشكل رسمي لأول مرة في التاريخ.

7وفي بداية القرن العشرين، شارك المسيحيون في التنمية الاقتصادية والإشعاع الفكري والازدهار الحضاري في مصر حتى عام ١٩١٩. اعتبر المؤرخون تلك الفترة العصر الذهبي لتوطيد العلاقات بين مكونات الأمة المصرية من مسلمين ومسيحيين ويهود، خاصة مع تبلور وحدة وطنية لمجابهة الاحتلال البريطاني، الى جانب ما لعبته شخصيات قبطية بارزة من دور رئيسي بإنشاء حزب الوفد* على أيدي أسر سياسية مرموقة (مثل مكرم عبيد وبطرس غالي وعبد النور).

8وجاءت نقطة التحول الكبرى في تاريخ مصر الحديث بإنشاء جماعة الإخوان المسلمين عام ١٩٢٨م، واتجاه مصر الي القومية والاشتراكية في الفترة بين ١٩٥٢ و١٩٧٠، فقد وقع العديد من المصريين الأثرياء تحت طائلة التأميم وتم عزلهم من الوظائف العامة والشركات المؤممة والصحافة والمناصب العليا والرفيعة.

9عادت الأمور نسبياً الى طبيعتها في السبعينيات، عندما أتاحت سياسة الانفتاح الفرصة للبعض وخاصة الأقباط لتكوين ثروات طائلة.

10أعادت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ الأقباط إلى الحقل السياسي وشارك العديد منهم في المظاهرات رغم حظر القيادات القبطية الأرثوذكسية من المشاركة. تلاشت الحواجز الطائفية في ميدان التحرير لبضعة أسابيع، ثم تجددت الاعتداءات ضد المسيحيين في مارس ٢٠١١ في ظل توتر شديد في العلاقات بين المسيحيين وحكومة الإخوان المسلمين نظراً لتأييد الأقباط الإطاحة بالرئيس مرسي آنذاك.

11أما الرئيس السيسي، فقد ضاعف من المبادرات الإيجابية لصالح الأقباط (بطلب إصلاح الخطاب الديني في الأزهر، وحضوره قداس عيد الميلاد المجيد بانتظام منذ عام ٢٠١٥ وافتتاحه كاتدرائية ميلاد المسيح في العاصمة الإدارية الجديدة عام ٢٠١٧، صدور قانون بناء الكنائس، إلخ) مع استمرار جهود سيادته الناجحة لصالح تخفيف التوتر بين الفئات المختلفة ودعم الوحدة الوطنية.

٣-١٧ لوحة مرسومة للبابا شنودة الثالث أمام دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، ديسمبر ٢٠١٨

٣-١٨ المناطق المسيحية الرئيسية والشبكة الكنائسية

٣-١٩ توزيع المسيحيين في مصر