1من عام ١٨٩٩ إلى عام ١٩٠٧، اندلعت أول احتجاجات عمالية مع إضراب عمال مصانع السجائر الذي كان معظمهم من غير المصريين. وانتشرت فكرة "الإضراب" في صفوف العمال المصريين. وظهرت المنظمات العمالية في أوائل القرن العشرين وارتبط نشاطها بالنضال الوطني: قام عمال الترام والسكة الحديد بتنظيم الإضرابات الأولى في عام ١٩١٩ تضامناً مع سعد زغلول. وظهر في ذلك الوقت عشرات النقابات، وأسس الحزب الاشتراكي الذي تركز نشاطه في أوساط الطبقة العاملة اتحادًا عامًا للعمال (٢٠٠٠٠ عامل). وتُمَثِّل سنة ١٩٤٢ خطوة مهمة مع صدور قوانين لصالح العمال، (التأمين الإلزامي ضد حوادث العمل وتحديد ساعات العمل) والاعتراف بالنقابات.

٢-١٥ الاحتجاجات العمالية في مصر (٢٠٠٣-٢٠١٦)

٢-١٦ الأماكن الرئيسية للاحتجاج العمالي

١٩٥٢: السيطرة على النقابات

2أعطت حكومة ناصر للعاملين عدة مزايا مثل الاستقرار الوظيفي وظروف عمل أفضل ومجانية التعليم والعلاج وتوزيع أفضل للسلع والخدمات (الإسكان) على أن يضمن هذا الميثاق الاجتماعي ولاء العمال للدولة ربة العمل. وتُعيِّن الحكومة المجلس التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، لتكرس بذلك الاصطفاف تحت راية الدولة. وتم كبح أي محاولات للإضراب أو الاحتجاجات المستقلة. ولكن بعد هزيمة عام ١٩٦٧ وانهيار مشروع عبد الناصر، انفجرت احتجاجات العمال والطلبة من جديد. كما أضرب عمال مصانع الصلب التي كانت تعد عصب التصنيع، في حلوان عام ١٩٦٨.

3تضاعفت المطالب بين ١٩٧٤ و١٩٧٧ مع ظهور سياسة تحرير الاقتصاد التي بدأت في عهد السادات واستمرت في عهد مبارك، وتخفيض الميزانيات الاجتماعية: ومن أبرز الاحتجاجات حركة عمال شركة مصر في المحلة الكبرى في عام ١٩٧٥ ثم أعقبتها "انتفاضة الخبز" في عام ١٩٧٧. وأدى توقيع برنامج التعديل (الاصلاح) الهيكلي مع صندوق النقد الدولي في عام ١٩٩١ إلى تصفية الشركات المملوكة للدولة ووَقْفْ التعيين عن طريق القوى العاملة وتطبيق السماح بالتقاعد المبكر. وتضاعفت احتجاجات العمال في الوقت الذي استمر فيه خضوع الاتحاد النقابي للسلطة.

٢٠٠٤-٢٠١٣ : ذروة الاحتجاجات

4خلال فترة حكومة أحمد نظيف (٢٠٠٤-٢٠١١)، زادت السياسات النيوليبرالية من تدهور مستوى المعيشة. وفي نهاية عام ٢٠٠٦، أدى نجاح الإضرابات التي قام بها عمال مصنع مصر للنسيج في المحلة الكبرى إلى إثارة الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد بمعدل غير مسبوق. واستمر الإضراب في مصنع الكتان في طنطا في عام ٢٠٠٩ لمدة ستة أشهر. ولم يتم التنسيق بين هذه الاحتجاجات، التي لم تستهدف أي توجهات سياسية عامة بل كانت تُعبِّر عن مطالب محلية عملية مثل تحسين مستوى المعيشة وزيادة الأجور ودفع المتأخرات وتثبيت العمالة المؤقتة.

5شارك عمال المصانع والمزارعون وسائقو سيارات الأجرة والمدرسون والأطباء وموظفو الدولة في الاحتجاجات التي سبقت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١. وكان لحركات العمال دوراً حاسماً في الثورة، فقد دفعت الإضرابات التي بدأت يوم ٨ فبراير في قطاعات الاتصالات والصرف الصحي والنقل، المجلس العسكري إلى إعلان تنحي الرئيس في ١١ فبراير. انخفضت موجة الاحتجاجات منذ عام ٢٠١٤ بسبب التحكم في المجال العام وإقرار قانون ٢٤ نوفمبر ٢٠١٣ الذي فرض قيودًا على المظاهرات (عقوبات تصل إلى عدة سنوات في السجن). ولكن سخط العمال ظل مستمرًا كرد فعل على سياسة تحرير الاقتصاد التي تبناها مرسي ثم السيسي.

نمو ثم تراجع النقابات المستقلة

6وإذ تم إنشاء أول نقابات مستقلة عن الاتحاد الرسمي في عامي ٢٠٠٨ (نقابة موظفي الضرائب العقارية) و٢٠١٠ (نقابات أصحاب المعاشات والمعلمين والعاملين في مجال الرعاية الصحية)، فإن ثورة ٢٥ يناير قدَّمت للحركة العمالية فرصة سياسية للتنظيم. تم انشاء مئات المنظمات النقابية المستقلة التي ضمت في الغالب أصحاب الياقات البيضاء وموظفي الدولة والخدمة العامة. وظل التمثيل النقابي منخفضـًا بالنسبة لأصحاب الياقات الزرقاء في القطاعين العام والخاص، مما حد من قدرة النقابات على التأثير في عملية التحول السياسي والاجتماعي لما بعد عام ٢٠١١.

7وتم تجميع النقابات الجديدة في اتحادين: الاتحاد المصري لنقابات العمال المستقلة (٢٠١١) والمؤتمر الديمقراطي للعمال (٢٠١٣). ولكن هذه الاتحادات واجهت صعوبات هيكلية حدت من نشاطها، مثل الافتقار إلى التنسيق الداخلي (الأفقي والرأسي) الناتج عن عدم كفاية الموارد البشرية والمالية. وتفاقمت هذه المشكلة بعد ضم عشرات النقابات والعديد من اللجان النقابية. وكافح المكتب التنفيذي المركزي لهذه الاتحادات المستقلة لتزويد النقابات القاعدية في المحافظات بالدعم القانوني والإداري. إلا أن العديد من هذه النقابات انشقت عن الاتحاد بسبب شعورها بالاستبعاد من عمليات صنع القرار. وبداية من عام ٢٠١٤، شهدت الاتحادات النقابية المستقلة تفككـًا تدريجيـًا. إلا أن تصاعد الشعور بالإحباط الشعبي بسبب تدابير التقشف المتخذة منذ عام ٢٠١٦ بالإضافة الي سيطرة الدولة علي الاتحاد العام للنقابات هي أمور تساعد علي بزوغ النقابات المستقلة مرة آخري بشرط أن تتعلم قيادتها من دروس الماضي القريب فتعي أهمية التنسيق والتنظيم بشكل يُمكِّنها من الاستفادة من أي فرص سانحة.

٢-١٧ عمال مصنع كفر الدوار للغزل والنسيج يحتفلون بنهاية اعتصام استمر لمدة خمسة أيام، ٨ فبراير ٢٠١٧